'الحضري'.. نحن نختلف عن الآخرين.. خالص!!

كم من المتناقضات، والكلام غير المنطقي، والتعبيرات اللولبية العجيبة، والتصريحات الزائفة، ستجدها بالجملة في حديث 'عصام الحضري' الذى عرضه موقع نادي سيون السويسري، والذي سيعكس لك بكل وضوح مدى تخبط وتسرع وقلة خبرة أفضل حارس مرمى في إفريقيا..

طيب.. حيث إننا ابتدينا سخن سخن من غير مقدمات، والمعركة كالعادة هتبقى شرسة، والاتهامات للركب -ليه متبقاش للسمانة مثلاً؟!- والسيوف هتطلع في الخانة اللي تحت.. أيوه بعد 'الآراء والمشاركات المنشورة على هذه الصفحة لا تعبر إلا عن رأي أصحابها فقط، ولا يعتبر موقعا مسئولاً عنها'.. خلينا نقول إن 'عصام الحضري' وتاريخه لا يمكن أن يمحى بجرة قلم، ولا يمكن أن يبخسه أحد حقه في سنوات عرق وجهد واجتهاد كان فيها خير حارس لعرين الأهلي ومنتخب مصر، ولكن بعيداً عن أي انتماءات حمراء أو بيضاء نقول أيضا إن 'عصام الحضري' ارتكب خطأ كبيراً في حق نفسه وحق جماهيره وحق ناديه -شفت دي! جبت الديب من ديله أنا-.

أعرف أنكم سمعتم هذا الكلام للمرة الدشليون بعد المليار الرابع، ولكن يجب أن يقال هكذا دون تجميل أو إضافات أو حذف لكي يكون واضحاً، وحتى ننتهي تماماً من الرأس -اللي اتهرت تفصيص- ونروح لباقي جسم الحدوتة، خلينا برضه نقول مفيش أي مبرر يدفع 'الحضري' للهروب -أيوه هروب.. ما تقوليش رحيل- إلى الخارج، فهو محترف في نادٍ، ويتقاضى راتباً معيناً أياً كان، وأستحلفكم بالله لاتقولوا لي إنه يسعى لتأمين مستقبله -وإن ما كانش 'الحضري' مأمن مستقبله يبقى مين مأمن.. عم حسين كبير المشجعين!- فهذه ليست قصتنا.. هو قبل وسعى واجتهد لكي يكون لاعب كرة قدم، فاز بالبطولات ونال نظيرها مكافآت، وهو يعلم تماماً أنه طال العمر به أو قصر لن يكمل بعد الـ40، فالقصة محسومة.. أنت قبلت أن يصبح هذا المجال هو حياتك وعملك، فعليك أن تتحمل مسئولياته وأعباءه، وأول مسئولية وبند في أي عمل هو احترام العقد والعهد والوعد.. وهذا هو مفهوم الاحتراف أصلاً..

لكن الذي لم يلتفت إليه أحد في أزمة 'الحضري' أن ثمة شخصاً أو شخوصاً حملوا على عاتقهم إقناعه بالهرب مع ضمان حقوقه كاملة من خلال مخارج لوائح الاتحاد الدولي 'الفيفا'. فأزعم بنسبة 99.9% أن هناك سمساراً ما للاعبين تولى تلك المسألة على خلفية معرفته بقصة المادة 17 في قوانين الفيفا والتي تتيح للاعب فوق سن 28 سنة أن يفسخ عقده ويشتري نفسه مقابل دفع الغرامة المادية، فليس معقولاً أبداً أن يكون 'الحضري' على علم بتلك المادة، ففطاحلة الإعلام الرياضي لم يكونوا على دراية بها، وعندما طفت تلك القصة على السطح سارع الكل بفتح الكتب من جديد.

اللطيف في الأمر أن الكل اتفق تقريباً على موقف 'الحضري' الأدبي، ورأى أنه سقطة تاريخية لا تغتفر، لكن بقدر هذا الاتفاق بقدر ما كان الاختلاف على صحة موقفه القانوني، فاستوديهات التحليل والمقالات الرياضية والمقابلات الصحفية التي تناولت هذا الشق تحديداً، من خلال من يقال عنهم خبراء، لم تتفق مع بعض في جملة واحدة فكل برنامج برأي، وكل سطر في مقال بمعنى ورأي مختلف، ومن يقول شيئاً اليوم ينفيه في الغد، ولا أحد يعرف حتى الآن من كثرة ما قيل صحة موقف اللاعب من عدمه حتى نفس المادة التي تحدثت عن أحقيته في فسخ العقد، خرج من نفاها وقال إن المادة رقم 16 تلغيها تماماً، لكي تجد نفسك في النهاية -مثلي تماماً- في عرض البحر، لديك فكرة تماما أنه مخطئ في حق ناديه؛ لأنه لم يخرج من خلال مفاوضات شرعية.. لكنك لا تعرف موقفه القانوني السليم. رغم أن البعض قد يفتي بأن النادي السويسري في بلد مقر الاتحاد الدولي.. وبالتالي فالخطأ مرفوع عنه، وهي للأمانة وجهة نظر منطقية لكنها غير كافية.

أياً ما يكون، فقد طار 'الحضري' إلى سويسرا وارتدى فانلة سيون، وأدلى بتصريحات عجائبية أقل ما يقال عنها إنها تخاريف صيام، فقال إنه يحترم إدارة الأهلي في الوقت الذي تركها بدون أن يبلغها أو حتى يفكر للحظة في أن يعطيها حقها المادي من خلال تفاوض مشروع، طلب من الجماهير أن تسامحه.. وكيف تسامحه؟ وهو لم يهتم أصلاً برد فعلها.. امتدح نادي سيون، وادعى أنه نادي بطولات وهو الفقير الهزيل الذي لم يحقق سوى بطولتين للدوري رغم أنه سيحتفل بعامه المائة قريباً، وزعم أن له جماهيرية كبيرة، في حين أن تعداد سويسرا كلها 7 ملايين نسمة.

حالة 'الحضري' توحي أنه يعاني تخبطاً شديداً، وليس مبرراً أبدا أن إدارة الأهلي رفضت عرض نادي سيون الهزيل أن يهرب ويرتمي في حضنه؛ لأن عمره 35 عاما ويرغب في خوض تجربة الاحتراف قبل أن يعتزل، فالسؤال الذي يطرح نفسه هنا بقوة ولماذا وافق أصلاً على تجديد عقده ولم يرحل قبل بداية الموسم الحالي؟ هل علم فجأة أنه بقى له 5 أو 4 مواسم ويترك المستطيل الأخضر..

بقيت نقطة أخيرة تجدر الإشارة إليها.. رحيل 'الحضري' بسبب كبت رغبته في الاحتراف قد يفتح الباب على مصراعيه أمام مواقف مماثلة في الأهلي أو غيره.. ومع ذلك لا يمكن أن يكون الهروب هو الحل، فهو أمر مرفوض تماماً، وعلى لجان الكرة -في كل الأندية- أن تنظر بعين خبيرة إلى طموحات لاعبيها مع كل مرحلة عمرية.. والوضع دائما في الاعتبار احتمالية تغير وجهة نظر اللاعب من ساعٍ إلى المجد حتى يعرفه الناس إلى كهل -لا تعنيه الكرة في شيء- سوى في تكديس أكبر قدر ممكن الأموال قبل الفراق الأخير..